دبي – العربية.نت
يعرف الكثير من المصريين أن الغاز الذي يتم نقله من مصر إلى
إسرائيل يكلف بلدهم الكثير، وهو بمثابة إهدار لثروات مصر، ويعتبر الخبراء
في الوقت الحالي أن هناك فرصة كبيرة أمام المسؤولين لتعديل اتفاقية تصدير
الغاز الطبيعي إلى إسرائيل، خاصة مع صدور حكم قضائي منذ أكثر من عام يلزم
الحكومة المصرية بتعديل أسعار تصدير الغاز، لكنه لم ينفذ.
ولم يؤلم المصريين مشهد النيران وهي تشتعل في أنبوب الغاز الطبيعي في شمال
سيناء، بعد أن عرفوا أن العمل التخريبي الذي استهدف خط الغاز الطبيعي الذي
ينقل الغاز إلى الأردن أدى إلى إغلاق خط الغاز الرئيسي الذي يزود إسرائيل
بالغاز أيضا، والذي ما زال معلقا حتى الآن.
تعديل عقد التصدير ويرى الخبراء
وفقاً لما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية اليوم، أن على الحكومة
المصرية الحالية أن تتجه إلى تعديل تعاقد تصدير الغاز إلى إسرائيل بما
يتماشى مع الأسعار العالمية، لأن هذا سيوفر للدولة مليارات من الدولارات،
خاصة في الوقت الحالي الذي يعاني فيه اقتصاد مصر بسبب الاضطرابات السياسية.
وتصدر مصر الغاز لإسرائيل بأسعار تتراوح بين 70 سنتا وحتى 1.5 دولار
للمليون وحدة حرارية من خلال عقد يتيح لها تصدير نحو 25 مليار متر مكعب
لمدة 15 عاما قابلة للتجديد لخمسة عشر عاما إضافية، ويتم التصدير من خلال
شركة غاز شرق المتوسط، وهي شركة مشتركة تأسست في عام 2000 بنظام المناطق
الحرة بمحافظة الإسكندرية، أسسها حسين سالم، أحد المقربين للرئيس السابق
حسني مبارك.
وقام عام 2008 ببيع كل حصته لشركة "بي تي تي" التايلاندية ورجل أعمال إسرائيلي أمريكي يدعى سام زل.
وتمتلك الهيئة العامة للبترول المصرية حصة في الشركة تقدر بنحو 68.4%،
والشركة الإسرائيلية الخاصة "مرحاف" بنسبة 25% وشركة "أمبال – إسرائيل"
الأمريكية بنسبة 6.6%، ويتملك الشركتين الأخيرتين رجل الأعمال الإسرائيلي
يوسف مايمان، وهو ضابط المخابرات السابق في الموساد.
ويبلغ السعر العالمي للغاز الطبيعي حاليا نحو 3.79 دولار للمليون وحدة
حرارية، وقامت الحكومة المصرية في 30 يونيو/حزيران عام 2008 برفع أسعار
توريدها للغاز الطبيعي إلى المصانع المصرية نفسها، في قرار حمل رقم 1795،
ليصل إلى 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بالنسبة للصناعات كثيفة
الاستهلاك للطاقة، بينما أقرت برفع سعره للصناعات قليلة الاستهلاك للطاقة،
تدريجيا على مدار ثلاث مراحل ليصل إلى 2.65 دولار.
وأصدرت المحكمة الإدارية العليا بمصر في فبراير/شباط من العام الماضي، حكما
نهائيا غير قابل للطعن باستمرار ضخ الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل،
وإلغاء حكم سابق يقضي بوقف تصدير الغاز المصري إليها.
وألزمت المحكمة الحكومة المصرية بوضع آلية للمراجعة الدورية لكمية الغاز
المصدر وأسعاره خلال مدة التعاقد، مع إلغاء سقف الاسترشاد بسعر البترول
الخام عند حد 35 دولارا للبرميل.
صعود مضطرد وطالبت
المحكمة وزارة البترول المصرية بمراجعة الحدين الأدنى والأعلى لسعر الغاز
المصدر إلى إسرائيل، طبقا لتطور وزيادة أسعار الغاز والبترول في السوق
العالمية، وبما يتفق مع الصالح العام المصري، لأن التصدير بالأسعار الحالية
من شأنه الإضرار بثروة مصر من الغاز الطبيعي باعتباره موردا طبيعيا حيويا،
ويتعارض مع الصالح العام في ضوء أن الأسعار العالمية في صعود مضطرد بما
يعني زيادة قيمة الغاز لصالح مصر وزيادة سعر التصدير.
وقال السفير السابق بالخارجية المصرية إبراهيم يسري، محرك الدعوى القضائية
ضد تصدير الغاز إلى إسرائيل، إن لدينا حكما من المحكمة الإدارية العليا
بتعديل سعر الغاز الطبيعي إلى إسرائيل، وبيعه لها بالسعر العالمي.
وأضاف في تصريحاته إنه سيقوم بمخاطبة رئيس الوزراء الجديد عصام شرف لتعديل
اتفاقية الغاز وإخطاره بحكم المحكمة السابق، لأن هذا سيحقق مليارات
الدولارات لمصر من جراء هذا التعديل.
وتابع: "أرى خيرا في رئيس الوزراء الجديد، وأعتقد أنه سيقوم بما يحقق
الصالح العام للمصريين، فرئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف لم يلتزم بأي أحكام
قضائية، ووزير البترول الأسبق سامح فهمي أخذ الحكم القضائي ووضعه في أدراج
مكتبه".
وأكد يسري أنه لم يأخذ إسرائيل في الحسبان حين رفع الدعوى، ولكنه وضع أمام
عينيه ما تؤدي إليه تلك الاتفاقية من إهدار للمال العام والثروة القومية.
وأضاف "تخسر مصر 9 ملايين دولار يوميا من جراء تصدير الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل".
يأتي ذلك في وقت يزداد فيه الطلب على الغاز الطبيعي في الداخل، سواء
للمنازل أو للمصانع، فالأولى دائما هو تلبية احتياجات السوق المحلية.
إهدار المال العام وواصلت أمس
نيابة أمن الدولة العليا طوارئ تحقيقاتها مع وزير البترول الأسبق سامح
فهمي، في البلاغات المقدمة من عدد من خبراء البترول التي تتهم فهمي بإهدار
المال العام في صفقات بيع وتصدير الغاز لإسرائيل و6 دول أوروبية أخرى
بأسعار مخالفة للقانون، وقال فهمي أمام النيابة إنه وزير منفذ للسياسات،
وليس صانعا لها، كما يحدث في الوزارات الأخرى، وبالتالي مهمته تقتصر على
تنفيذ الاتفاقيات الداخلية أو الخارجية.
ويرى خبراء أن الوضع الحالي يسمح بتعديل الاتفاقية، خاصة أن إسرائيل ليس
لديها بديل فوري لتعويض الغاز المصري الذي يغطي 40% من احتياجاتها.
وقال الدكتور عبد الله الأشعل، أستاذ القانون الدولي، إنه يجب الآن
الاستمرار في إيقاف الغاز المصري إلى إسرائيل حتى يتم تعديل الأسعار
لتتماشى مع الأسعار العالمية، مؤكدا أن الاتفاقية التي تمت في الوقت السابق
هي اتفاقية بين مبارك، بشخصه، وإسرائيل، وليس بين مصر وإسرائيل.
وأضاف أن العقد الذي تم توقيعه يستند إلى بنود غير قانونية، كما أنه ليس
التزاما دوليا على مصر في هذا المجال، فمن الممكن أن يتم إيقاف تنفيذ العقد
حتى يتم تعديل بنوده. مطالبا بتشكيل لجنة من قبل رئيس الوزراء الجديد
لدراسة هذا الأمر.
وعن إمكانية لجوء شركة شرق المتوسط إلى التحكيم الدولي لو تم تصعيد هذا
النزاع، أكد الأشعل أن موقف مصر في هذا المجال قوي جدا، ولن تلجأ الشركة
إلى التحكيم دوليا لأنها تعرف العواقب.
وتخشى إسرائيل من أن توقف مصر تصدير الغاز إليها، وطالب عدد من مسؤوليها
الحكوميين بإيجاد بديل للغاز الطبيعي المصري، نظرا للاضطرابات التي تشهدها
مصر في الوقت الراهن والتي أدت إلى تعليق إمدادات الغاز إلى إسرائيل.
وقال رمزي حلبي، الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة تل أبيب في تصريحات
تلفزيونية سابقة: إن استيراد الغاز من مصر يعني لإسرائيل الكثير، فخلال
العشر سنوات الأخيرة، وبعد ارتفاع أسعار الغاز فإن استيراد الغاز من مصر
يوفر على إسرائيل نحو 10 مليارات دولار سنويا، كما أن اتفاقية الغاز مع مصر
ترغم باقي الشركات التي تتنافس على توريد الغاز إلى إسرائيل على تخفيض
أسعارها.
وقال لا يوجد بديل لإسرائيل عن الغاز المصري على المدى القصير، ولكن يمكن
أن نعوض الغاز المصري خلال عام ونصف العام إلى عامين، بعد التنقيب عن حقول
الغاز التي تم اكتشافها قبالة السواحل الإسرائيلية بالبحر المتوسط.