أجرى عالمٌ تجربةً على مجموعة من النمل ليرى كيف تتصرف مع بعضهن حيال موقف مصطنع :
حيث وضع قليلاً من السكر قرب مسكنٍ لها و انتظر يراقب عن كثب، و بينما هو كذلك إذْ جاءتْ نملةٌ واحدة إلى حفنة السكر و دارتْ حولها بضع دورات، فأمسكها و وضع عليها علامةً و تركها ترحل، و أسرع فأزال حفنة السكر من موضعها.
ما هي إلا لحيظات حتى جاء جيشٌ من النمل تتقدمهم النملة إلى الموضع الذي كانت فيه حفنة السكر فلم يجد شيئاً، فعاد الجيش إلى مسكنه إلا النملة التي أخبرته عن حفنة السكر.
فلما توارى الجيش عن الأنظار أعاد العالم حفنة السكر إلى موضعها، فأسرعتْ النملة تخبر أخواتها بما وجدتْ، فكرر العالم في المرة الثانية ما فعله مع جيش النمل في المرة الأولى، ولما لم يجدْ النمل حفنة السكر عاد إلى مسكنه، إلا النملة التي أخبرتهم عن حفنة السكر.
و فعل العالم في المرة الثالثة ما فعله في المرة الأولى من إعادة حفنة السكر و إزالتها إذا حضر جيش النمل، غير أن في المرة الثالثة اختلف رد فعل النمل مع النملة التي أخبرته بوجود حفنة السكر.
حيث تجمع النمل عليها و أخذت كل نملة منها تجذبها من طرف إلى أن قطعوا أوصالها و تركوها ممزقة الأعضاء جزاءً على ما فعلتْ......!!
و هنا أقف لحظة تأمل و إياكم.............
لن أتحدث فيها عن ما استخلصه العالم من تجربته التي أجراها..................
بل أقف لحظة تأمل مع نفسي ...... مع أنفسنا.... لنقف لحظة صدقٍ و نتساءل عن الآتي:
هل نحن صادقون مع أنفسنا؟؟ فلا نحملها فوق طاقتها، و نجعلها تعيش واقعها وفق ما قسم لها بارئها،
هل نحن صادقون مع غيرنا؟؟ فلا نخدعهم، و لا نضللهم بزيف مشاعرنا و نبني لهم قصوراً من الأوهام و الأحلام على الماء.
هل نحن صادقون مع ربنا في أقوالنا و أفعالنا و ما تخفيه صدورنا؟
فقف أخي الكريم و أختي الكريمة معي مع الصدق لحظة تأمل و ما يفعله بالآخرين:
قال الشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله تعالى: (( خرجتُ من مكة إلى بغداد أطلب العلم، فأعطتني أمي أربعين ديناراً أستعين بها على النفقة، و عاهدتني على الصدق، فلما وصلنا إلى أرض همدان خرج علينا جماعة من اللصوص، فأخذوا القافلة، فمرَّ واحد منهم ؛ و قال لي: ما معك؟
قلتُ: أربعون ديناراً، فطن أني أهزأ به، فتركني، فرآني رجل آخر، فقال: ما معك؟ فأخبرته بما معي، فأخذني إلى كبيرهم، فسألني فأخبرته، فقال: ما حملك على الصدق؟!!
قلتُ: عاهدتني أمي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها.
فأخذتْ الخشية رئيس اللصوص، فصاح و مزق ثيابه، و قال: أنت تخاف أن تخون عهد أمك، و أنا لا أخاف أن أخون عهد الله.
ثم أمر برد ما أخذوه من القافلة، و قال: أنا تائب إلى الله على يديك، فقال من معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، و أنت اليوم كبيرنا في التوبة، فتابوا جميعاً ببركة الصدق.
قال النبي صلى الله عليه و سلم: (( إنَّ الصدقَ يهدي إلى البر، و إنَّ البر يهدي إلى الجنة، و إنَّ الرجلَ ليصدقَ حتى يكتبَ عند الله صديقاً، و إن الكذب يهدي إلى الفجور، و إن الفجور يهدي إلى النار، و إن الرجل ليكذبَ حتى يكتبَ عند الله كذاباً )) متفق عليه.