بعد أكثر من 25 عاما أمضاها عاجزا عن الكلام معتمدا على لغة الإشارة والإيماءات للتواصل مع محيطه الأسري والاجتماعي، عادت القدرة على النطق للمواطن السوري موسى العاني (33 عاما).
وتمكن العاني المقيم في قرية تل سكين بمحافظة حماة من نطق بعض الحروف والكلمات في ظاهرة نادرة الحدوث، وخاصة أن إصابته بهذه العاهة كانت جراء إصابته بحمى سحائية، أدت إلى تعطيل مركز النطق في الدماغ.
وحول بداية استعادته النطق والعبارات الأولى التي أطلقها وما رافقها من انطباعات وردود أفعال ممن حوله، أوضحت دارين محمد زوجة أخيه التي كانت أول من اكتشف عودة نطقه، أنه عندما دخلت عليه صباحا فوجئت بسماع عبارة تفوه بها بلسان ثقيل وهي "كيف حالك"، ولتتأكد من سماع هذه العبارة طلبت منه تكرارها مجددا، وعندما تمكن من ذلك أيقنت أن موسى استعاد قدرته على النطق.
ولفتت دارين إلى أن موسى العاني كان لديه رغبة جامحة ومحاولات عدة لاستعادة نطقه في السنوات الماضية، وخاصة أن حاسة السمع عنده كانت سليمة كونه يختلف عن باقي الأشخاص البكم، الذين يشكون على الأغلب من عاهتي النطق والسمع معا، الأمر الذي كان يدفعه دوما إلى الرغبة في مشاركة الآخرين ممن حوله الحديث الذي يدور بينهم، والتعبير عما يجول في خاطره من آراء وأفكار.
مفاجأة
وقال العاني، الذي لا يزال يجد صعوبة في لفظ بعض الكلمات والعبارات لوكالة الأنباء السورية "سانا"، إنه بادر إلى الحديث فور بدء قدرته على النطق بالهاتف مع بعض إخوته، الذين لم يصدقوا للوهلة الأولى عند سماع صوته على الهاتف نظرا لعدم اعتيادهم عليه، ولكن ما إن نطق بمزيد من الكلمات بنبرة صوته حتى تأكدوا أن ما يسمعونه هو صوت أخيهم.
كما أعرب العاني عن رغبته بالزواج وتكوين أسرة قريبا؛ بغية ممارسة حياته بشكل طبيعي.
تحسن تدريجي
وعن قصة مرضه يقول غياث العاني أحد أقارب موسى إنه أصبح أبكم جراء تعرضه لمرض الحمى في سن الثامنة؛ حيث ارتفعت درجة حرارة جسمه فجأة وتفاقمت حالته الصحية، على الرغم من كل محاولات أهله آنذاك لخفضها بالاعتماد على وسائل إسعاف وعلاج بدائية، ما دفعهم إلى إسعافه بالمشافي لكن دون جدوى أيضا، الأمر الذي أدى إلى تركه للمدرسة وهو في الصف الثالث الابتدائي.
وفي تعليقه على الواقعة، اعتبر الدكتور وهبة زيدان اختصاصي أمراض الأنف والأذن والحنجرة أن المريض كان يعاني من عدم القدرة على النطق جراء إصابته بمرض الحمى السحائية، التي أدت إلى تعطيل مركز النطق في الدماغ مدة تزيد على 25 سنة، لافتا إلى أن هناك إمكانية لتحسن مستوى النطق لديه بشكل تدريجي نتيجة الممارسة اليومية والتمرين على ذلك، من خلال التواصل وتبادل الحديث مع الآخرين.